قواعد وأصول في تربية الأبناء بالضرب عند الضرورة Raising children


كثيراً ما نسمع أن فلاناً ضرب ابنه وأوسعه ضرباً (علقة موت)
فهل هذه تربية أم ظلم وعدوان؟
وما الفرق بين التأديب والتعذيب؟
وهل سألت نفسك هل كان ابنك يقلدك عندما ارتكب الخطأ؟!


بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد ﷺ....
.
إنَّ تربية الطفل بضربه لها قواعد وقيود لو لم تُتَّبَعْ لتحول الأمر من تربية وتأديب إلى عدوان وظلم قد يستوجب العذاب يوم القيامة.
.
إسمع لتلك الحادثة وقول النبي ﷺ فيها:
عن أبي مسعود البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال:
كنت أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت صوتاً من خلفي:
(اعلم أبا مسعود)
فلم أفهم الصوت من الغضب، فلما دنا مني إذا هو رَسُول اللَّهِ ﷺ فإذا هو يقول:
(اعلم أبا مسعود أن اللَّه أقدر عليك منك على هذا الغلام)
فقلت يا رَسُول اللَّهِ هو حر لوجه اللَّه
فقال ﷺ:
(أما إنه لو لم تفعل لَلَفَحَتْكَ النار أو لمستك النار)
رَوَاهُ مُسْلِمٌ
.
لذلك فإن الضرب للتأديب شرع في الإسلام بقيود منها:
أن يكون بعد إستنفاد جميع الوسائل الأخرى كالوعظ والإرشاد والنصيحة مراراً وتكراراً.
فالنبي ﷺ كما في الحديث "ما ضرب رسول الله ﷺ شيئاً قطُّ بيده، ولا امرأةً، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله..."
أن لا يكون تنفيساً فورياً للغضب، فعندها يكون عدواناً
أن يسبقه توضيح الخطأ والتأنيب بدون سب وشتم
أن لا يكون الضرب عشوائياً همجياً بل عاقلاً كالضرب على باطن اليد بوسيلة لا تؤذي
أن يبدأ بسيطاً خفيفاً كنوع من الزجر
أن لا يكون كثير التكرار فيغدو عادة ويفقد هيبته ومفعوله.
أن يكون بعد سن العاشرة. يقول سيدنا ونبينا محمد ﷺ:ـ

(مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين, واضربوهم عليها وهم أبناء عشر, وفرقوا بينهم في المضاجع)
في أسوء وأقصى الحالات لا يجب أن يزيد التأديب بالضرب عن عشر ضربات كما أفاد الحديث أن أكثر من عشر جلدات هو حد من الحدود.
تجنب الضرب على الوجه فهو حرام وكذلك البعد عن التقبيح والإهانة، والبعد عن مناطق الجسم الخطيرة والحساسة.
10ـ إذا إستغاث الطفل واستنجد بالله نتركه تعظيماً لله.
11ـ لابد أن يكون الغالب والسابق في تربية الطفل هو التعليم والنصح والوعظ والترغيب بالمكافأة وغير ذلك، فلا ننتظر حتى يخطئ الطفل ثم نأدبه.
12ـ أن لا يكون أمام الآخرين، وأن لا يعاير الطفل بعد الضرب بالتذكير بأنه ضرب. أو التضاحك والمزاح بأنه يتم ضربه.
13ـ أن يتم تعليم الطفل بأن يعتذر بعد العقاب عن خطئه ويتأسف لوالديه ويعدهم بأن لا يعود لفعل ذلك،
ويتم ذلك بترتيب الأدوار بين الوالدين.
ثم يتم قبول إعتذار الطفل مع تفهيمه ونصحه ثم التلطف معه.....

14ـ أما إذا كان ما ارتكبه الطفل من خطأ إنما هو تقليد لوالديه أو أحدهما
فإن التوجيه والتأديب وقتها يحتاج للحكمة الشديدة بعيداً عن العنف
ويحتاج من القائم بالتأديب الإقلاع عن ذلك الفعل الخاطئ وأن لا يراه الطفل أبداً بذلك الفعل.
...........

والأمر كبير وبه الكثير من القواعد التي بها يكون الضرب جائزاً عند الضرورة وفي أضيق الحدود
حتى لا يأثم أحد الوالدين وَيُغْضِبُ الله تعالى ويظلم أبناءه وهو يظن أنه محسن ينتظر الثواب من الله.
يعتقد أنه يؤدِّب وهو في الحقيقة يعذِّب.
.
عن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أن النبي ﷺ قال:
(من ضرب غلاماً له حداً لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

عن هشام بن حكيم بن حزام رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنه قال:
أشهد أني سمعت رَسُول اللَّهِ ﷺ يقول:
(إن اللَّه يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا...) رواه مُسْلِمٌ.

.
وتذكر أخي الكريم أن التربية فرضٌ عليكم بالمتابعة والرحمة واللين ولو حرصت عليها من الصغر فلن تجد نفسك في حاجة إلى الضرب بإذن الله تعالى
.
ولا تنس أن الفرق بينك وبين طفلك في العقل هو تراكم المعلومات لديك
أما الذكاء والفطنة فقد يكون الطفل أذكى منك وأفطن حتى في أصغر سنوات عمره
فراقب تصرفاتك أمامه ولا تتجاهله
ولا تخطئ أمامه أو تشتم أو تكذب جاداً أو مازحاً أو تنفجر غاضباً أو تغمز أو تلمز
فهو وعاءٌ ذكي يستنسخ كل حركاتك وسكناتك لتحاسب أنت عليها فوق حسابك مرات بعدد أبنائك.
وفي النهاية إما أن يكون بصلاحهِ واستنساخه لك إمتداداً لك في رضى الله حتى بعد موتك، وباب لك إلى الجنة
أو يكون بفساده واستنساخه لأخطائك وسقطاتك جالباً إليك اللعنات، محققاً لك سوء العاقبة
يقول سيدنا ونبينا محمد ﷺ:
"كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه"
تذكر ذلك واستعن بالله، فإنه ليس بالأمر الهين.


هذا والله أعلم
والأمر أكبر وأوسع من أن يجمع في مقال
============
والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه ولعظيم سلطانه حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه
ملئ السماوات والأرض وما بينهما وما شاء ربنا من شيء بعد
بكل نعمة أصبحنا بها أو أمسينا بها
أو أصبح بها أو أمسى بها عبد من عباد الله أو خلق من خلق الله
من بدء الخليقة إلى قيام الساعة وما بعدها أبداً دائماً سرمدياً
ومثل ذلك وعدده وأضعافه وأمثاله
صل وسلم يا ربنا أفضل صلاة وأعظم سلام على أسعد مخلوقاتك سيدنا ونبينا محمد
وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته ومن تبعه إلى يوم الدين
عدد معلوماتك يا ربنا ومداد كلماتك
كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون
في كل لمحة ونفس عدد كل معلوم لك يا الله يا عظيم
-
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تعليقات